حوار مع سومر شحادة المرشح للقائمة الطويلة

17/02/2025

متى بدأت كتابة رواية "الآن بدأت حياتي" ومن أين جاءك الإلهام لها؟

بدأت الكتابة في صيف عام 2022، في الشهر الثامن. وجاءني الإلهام من تراكم موضوعات كنتُ قد عالجتها في روايات "الهجران"، و"منازل الأمس". شعرت أنَّي لم أستهلك كل الكلمات التي أردت أن أستهلكها للحديث عن سوريا المعاصرة، بما أحدثته الحرب، أو الاقتتال الأهلي من انقسامات شتَّى داخل الفرد وفي المجتمع، ومع البلد ككلّ. أقصد، ما قاد تفكيري موضوعات شغلتني طويلًا. أمَّا بصورة مباشرة، فما ألهمني؛ أمورٌ ذاتيَّة حدثت في حياتي، عشتها، وأحداث كانت تجري في سوريا تحت حكم بشار الأسد. وجعلتني أتأمَّل مصيرنا ونحن نحتاج إلى اللجوء مِن الدولة، لا إليها. طبعًا لم يكن يوجد ما نلجأ إليه بعد أنْ نجح النظام في التهام جسد الدولة التهامًا نهائيًا. إلى درجة، حدث سقوطهما معًا. وقبل ذلك، فكرتُ بالبشر العالقين في سوريا في جوٍّ موبوء بالجريمة والغياب المطلق للعدالة. هكذا، كتبتُ بضغط حوادث قتل عديدة؛ مثل مقتل طبيب ناجح أو طفلة. سوريا بلد موبوء بالقتل، خربهَ النظام، هذا ما ألهمني، وقد أخذته على عاتقي. لأنَّني أعرفه، لأنَّني عشته، ولأنَّ مقتل الأبرياء دائمًا أرهق وجداني.

 

هل استغرقت كتابة الرواية مدّة طويلة؟ وأين كنت تقيم عند إكمالها؟

سبعة أشهر. لكن كان عملًا شبه يومي. وكنتُ أقيم في اللاذقية طوال فترة الكتابة. اضطررت إلى الكتابة خارج المنزل في أوقاتٍ، إلا أنَّ معظمها كُتب أمام نافذة مطلَّة على البحر في ساعات الفجر والصباح الأولى.

 

هل لديك طقوس للكتابة؟

أتعامل مع الكتابة على أنَّها مهنة صباحيَّة، لا توجد طقوس معقدة. فقط أنا حريص على صفاء ذهني في الصباح. أكتب ما إن أستيقظ من نومي، لعدة ساعات في المنزل. لكن بخصوص "الآن بدأتْ حياتي"، فالزلزال الذي حدث في شباط 2023؛ دفعني للخروج من المنزل، وانقطاعات الكهرباء دفعتني للخروج والكتابة في كافيتريا مستشفى قريب، لتوفر الكهرباء في ساعات الصباح الأولى. مع أني لم أكن مرتاحًا، إلا أنَّني كنتُ مصرًّا على إنجاز الرواية، لأنَّها منذ البداية كانت واضحة كاملةً في رأسي. ولم أكن أستطيع المغامرة بها بأن تضيع في صعوبات العيش. عندما تشغلني رواية، أبقى حريصًا على العمل الصباحي اليومي تحت أيِّ ظرف. لا أتذكر أن أمرًا أعاقني عن مواصلة الكتابة متى ما أطلقَ الإلهام جناحيه. يعني الطقس ضروري. لكني كتبت في ظروف صعبة دائمًا.

 

ما هو مشروعك الأدبي بعد هذه الرواية؟

أنجزتُ رواية ديستوبيا، ستنشر هذا العام، وكنت قد كتبتها قبل إسقاط النظام. وهي رواية تخرج من سوريا التي كانت قائمة، إلا أنَّ فضاءها ليس سوريًّا، لأنَّ العالم بالصورة التي وصل إليها، عالمُ ديستوبيا، لا يعترف بالبشر خارج قيمتي الاستهلاك أو القتل. لكني أنوي هجر عالم الرواية الاجتماعية التي تشفُّ عن السياسة، ولو لفترة. حقيقة، كنتُ أنوي هذا قبل أن يسقط نظام الأسد بعد أنْ قتلَ الأمل بالتغيير، وكان يبدو لمن عاش في ظله أنَّه أغلقَ التاريخ. الآن، لا أعرف، أحتاج إلى التفكير. لستُ متأكدًا. فالمعيار الضاغط الذي رسم عددًا من خياراتي في الكتابة لم يعد موجودًا.