حوار مع سوسن جميل حسن المرشحة للقائمة الطويلة

17/02/2025

متى بدأت كتابة رواية "وارثة المفاتيح" ومن أين جاءك الإلهام لها؟

في الواقع بدأت فكرة الرواية تشغلني في أواخر العام 2020، عندما كانت ملامح انهيار المجتمع السوري تتوضح في مجالات عديدة، حتى وصلت الارتدادت إلى الأسرة فصدّعتها، هذا ما كنت أتوقع حدوثه منذ فترة طويلة، فأنا عشت في سوريا معظم سنوات عمري ، وكنت على تماس مباشر مع كل أشكال القمع والكبت، السياسي والديني والاجتماعي، والفساد الذي كان يستشري ويتفاقم، الفساد الإداري والاجتماعي والتعليمي والقضائي، وكيف بدأت المنظومات القيمية والمعرفية تتآكل ويفقد المجتمع هويته الحيوية، لينحشر في قوالب ضيقة تؤطره وتمنعه من التطور. كان يؤلمني هذا الأمر ويفاقم القلق لدي حول مستقبل البلاد، خاصة لما كنت ألمسه من تأزم أرواح الناس، من خلال مهنتي طبيبة بالدرجة الأولى، حيث يتعرى المرضى أمامي جسديًا ونفسيًا ومعرفيًا. لقد لمست قاع النفوس وشعرت بآلام الناس وأزماتهم الروحية، وشغلني كثيرًا موضوع الأسرة التي وصل الخراب إليها، ولم تكن المرأة بشكل عام غائبة عن أي عمل من أعمالي السابقة، فقد رسمتها في شخصيات عديدة، معظمها على علاقة بالمجتمع ونظرته لها ومكانتها الوظيفية والاجتماعية والقانونية، وفي هذه الرواية تحديدًا ركزت على موضوع علاقة المرأة بجسدها وما يعني الجمال لها وكيف تتعامل معه إذا لم يقترن بوعيها بذاتها إنسانة ذات كرامة وكينونة خاصة، كما "رضيّة" في وارثة المفاتيح، التي تركتها تعيش حياتها من دون أن أقيدها بأحكام قيمة مسبقة من قبلي. لكنني لم أنه الكتابة إلا بعد سنتين.

 

هل استغرقت كتابة الرواية مدّة طويلة؟ وأين كنت تقيمين عند إكمالها؟

مثلما أسلفت، بدأت بها، ثم انقطعت مدة زمنية وعدت مجدّدًا، كنت أقيم في برلين، وما زلت، لكنني لم أنقطع عن متابعة الأحداث في سورية، والرواية تتابع حياة أسرة سورية بدأت تتشكل منذ منتصف سبعينيات القرن الماضي، ما يعني أنها انشغلت بمحاولة فهم المقدمات التي أوصلت البلاد إلى ما وصلت إليه، كانت التغيرات الاجتماعية تتلاحق، ربما من دون أن يلاحظها الجميع، لكنها بالفعل أثرت في بنية المجتمع لذلك عندما انزلقت البلاد إلى حرب ظهرت هشاشة البنيان المجتمعي.

 

هل لديك طقوس للكتابة؟

في الواقع ليس لدي ما يمكن عدّه طقوسًا في الكتابة، فأنا في غربتي تحكمني أوضاع حياتية مختلفة عما كنت في بلادي، إنما يمكن القول إنني أستحسن الكتابة الصباحية، والكتابة على اللابتوب مباشرة، لم أكتب بالقلم على الورق إلّا روايتي الأولى "حرير الظلام"، أشعر أحيانًا بالضيق لأن الألفة بيني وبين الورق قد فترت، هذا جانب من جوانب الغزو الرقمي لحياتنا. أبرّر ذلك لنفسي أحيانًا بأن هناك اختراعات عديدة شكّلت ثورة في حينها، لكنها قوبلت بالتوجس في البداية، أو عدم القبول السهل بشكل عام، هذا ما حصل مع المطبعة، والقاطرة البخارية، والطيارة وغيره، لكننا في النهاية أصبحت أعمدة حياتنا المعاصرة.

 

ما هو مشروعك الأدبي بعد هذه الرواية؟

الكتابة مشروع بالنسبة للأديب، قد لا يكون خاضعًا لمخطط زمني وبرنامج، أتكلم بالنسبة إلي، فأنا لا أربط منجزي بمدد معينة، عندما تأتي لحظة الكتابة أباشر بها، وعليه فأنا لدي اليوم عدة شواغل روائية، لم أباشر بعد برواية جديدة. لكن أخمن أنني على وشك البداية.