حوار مع نجوى بن شتوان المرشحة إلى القائمة القصيرة
17/04/2023
أين كنت وقت إعلان القائمة القصيرة وماذا كان رد فعلك؟
كنت في شقتي أطعم الحمام الواقف على شرفتي وأفكر في عدة مواضيع ولا أفكر في الوقت نفسه.
من المؤكد أنني إثر الإعلان غدوت في مزاج جيد حتى أني حاكيت رقصة مادس ميكلسن في Another Round وركلتُ كيس الحَب في الهواء وأفزعت الحمام.
لماذا جعلت الشخصية الرئيسية والراوية توأماً؟
وجهان لروح واحدة كنت أبحث عن تجسيدها في حب مديد، لا جنسي ولا نفعي ولا مادي. حب للحب فقط
ترسم لنا رواية "كونشيرتو قورينا إدواردو" بانوراما لليبيا منذ السبعينات إلى سقوط القذافي، من خلال عائلة من أصول يونانية. كيف تختلف هذه الرواية من روايات أخرى تناولت التاريخ والقضايا السياسية والاجتماعية الكبرى في البلاد؟
الروايات التي تتناول الفترة الحديثة في ليبيا ليست بالقدر الكافي… لا بد أن تتعدد الكتابة وتتنوع حتى يمكننا إدراك جماليات التمايز والاختلاف بين ما تم طرحه وإنجازه.
إلى اللحظة أنا أشق الطريق الروائي الخاص بي والحامل لبصمتي وعلى السرد الجاد ألا يكف عن محاولة خلق البصمات.
لماذا عائلة من أصول يونانية تحديداً؟
لو لم يكونوا هم لكانوا غيرهم، فليبيا عبارة عن خليط من الأعراق الممتدة انصهرت وتصاهرت عبر الزمان في المكان ذاته وكونت الشخصية الليبية الحالية وأعطتها خصوصيتها.
ليبي من أصول كذا أو كذا هو مجرد تنسيب على غرار ما تفعله بطاقة التعريف أو الهوية.
هل شخصية الجد يشبه شخصاً في عائلتك؟
نعم، يشبه أبي إلى حد كبير. صبر وتحمل للشدائد.
بالرغم من الأحداث المأساوية، نجد أيضاً في الرواية الإنسانية والحب والتضامن بين أفراد العائلة والمجتمع. هل هناك بصيص من الأمل في تلك العلاقات الإنسانية؟
تنتصر الرواية للعلاقات الإنسانية رغم ما يعتريها من اختلاف وخلاف، قرابة أم صداقة مابين الكبار والصغار، والذين بقوا والذين غادروا... العلاقات هي خيار الناس في أن يكونوا على تواد وتقارب أم في تنافر وتباعد… العلاقات صناعة بشرية تشبه صناعة الرصاص وصناعة الواقي من الرصاص في الآن نفسه، والمرء حر في اختيار الصنعة التي ينتمي إليها ومسؤول عن نتائج اختياره.
لماذا التركيز على موضوع الآثار الرومانية والإغريقية في ليبيا ولماذا جعلتِ البطلة ريم تهتم بها؟
ليبيا ملأى بآثار الرومان الذين جاؤوها غزاة وآثار الأغريق الذين هاجروا إليها هرباً من المجاعات والحروب أو بسبب التجارة، كذلك الفينيق من صور وصيدا.
أسسوا مدناً كثيرة متكاملة، أي أنها كانت حياة بكل ما فيها. هناك قصة وراء كل آثر وطلل موجود إلى اليوم والقصص تريد من يبحث عنها ويستخرجها... أكبر مسرح روماني متكامل من عهد الإمبراطورية الرومانية موجود في ليبيا وليس في أوروبا من حيث أتى الرومان. مدينة الموتى التي تمتد على مساحة واسعة من التراب الأثري في قورينا في شرق ليبيا ليست مجرد مقابر خالدة بل هي حيوات وحكايات كانت موجودة زمناً ما ونسلها أيضاً باق وممتد في ليبيا.
هناك الكثير الكثير مما دونه التاريخ ولم يمسسه الأدب بعد. عندما أقول مسرح أعني مسرحيات وتمثيليات جسدت على المسارح المترامية على شواطئنا، عندما أقول نيكروبوليس أعني أناساً اشتغلوا بالفلسفة والرياضيات والجغرافيا والرياضة والزراعة وصناعة الأساطير ونشر العقيدة المسيحية في بداية عهدها.
ريم البطلة لها جذر في ذلك، هي الامتداد البشري لتلك الآثار السامقة، والسلالة الحديثة لذلك التاريخ العريق المغرق في القدم.
هل كنت تتصارعين مع رقابة النفس وأنت تكتبين، بسبب الموضوعات الحساسة التي تتناولها الرواية – بالرغم من إقامتك في روما - وكيف تجاوزتها؟
إن غريزتي الخائفة نشطة على الدوام، يكاد يكون الخوف لدي غدة قائمة بذاتها، فقد عشت دائماً في خوف. أخاف حتى عند قطع الطريق ذات الاتجاه الواحد (senso unico) فأقوم بالتلفُّت في الاتجاهين رغم إدراكي أنها طريق ذات اتجاه واحد... أخاف من أحواض السباحة رغم أنني لا أسبح، أخاف من الموت رغم إدراكي بأنني سأموت.
وبما أنه لا أمل على الإطلاق في التحرر من مخاوفي فقد عقدت اتفاقاً مع الخوف ينص على أن يتركني عند النوم أنام بهدوء على أن يعود لمواصلة حياته معي بعد ذلك. ولأنه التزم بالاتفاق التزاماً كبيراً فقد تعلمت المشي أثناء النوم ثم الكلام ثم شيئاً فشيئاً أضفت إليهما الكتابة والأمل والأحلام.
كيف أثّر ترشيح روايتك "زرايب العبيد" للقائمة القصيرة عام 2017 على نجاح الرواية وانتشارها؟
مثل تأثير ضوء القمر على الماء والعطر على الهواء وحقل الخزامى على الريح.
لأول مرة تصدر لي طبعات في عدة أقطار عربية من الرواية نفسها… حيث صدرت لي طبعة خاصة بمصر وطبعة خاصة بتونس وأخرى بالجزائر، ولبنان والعراق والكويت والخليج العربي وفلسطين..
زرايب العبيد لم تنل هذا الحظ لكنها أعطته لكونشيرتو قورينا ادواردو بسهولة، وبعد أن كان يقال عني صاحبة "زرايب العبيد" أصبحت صاحبة زرايب العبيد والكونشيرتو معًا.
مشوار الألف ميل لدي بدأ بكبوة.