حوار مع ربيعة ريحان المرشحة للقائمة الطويلة

16/02/2023

متى بدأت كتابة رواية "بيتنا الكبير"، ومن أين جاءك الإلهام؟

كتبت رواية "بيتنا الكبير" خلال جائحة كورونا، وهي أشهر من الخوف والحيرة، ما كنت قد قرأته عن الأوبئة في الروايات العالمية تجسد أمامي، خاصة في البدايات، منظر الشاحنات المليئة بالجثث في الشاشات، التداعيات الدراماتيكية السريعة والتخبط، تدفق التقارير والأخرى المضادة، المعقمات وماء الكلور، الكمامات، الموت، الحجر ثم الشلل العارم، الصمت. وكنت قبلها، ومنذ فترة لا أدركها، متصلة تماماً بفكرة ما سأكتب، وعالقة في عناصرها الواقعية والتخييلية، أنتظر لحظة الانطلاق لأجلس وأسجل أول جملة، لقد أسعفتني الذاكرة كثيرا، بألفة وحنين إلى ماض محدد يحضر بقوة، كنت قد عشته واقعياً ومازلت أعيشه ذهنياً، مما ساهم في إعادة إنتاج وقائع وأحداث ومواقف حاملة لكل التناقضات، الخير والشر، الترهيب والترغيب، الولاء والحماية، التمرد والتصفية، التسلط والحرية. دينامية اجتماعية وسياسية وتاريخية تشكل جزءاً من ماضي القريب والبعيد، اقتحمتها بعد صمت، مستبطنة خلفياتها، وواضعة حداً لذلك الجدل الداخلي لطبيعة لما عشته أو تصورته، بالحسم فيه عبر تعريته وفضحه بالكتابة، بالصنعة الفنية التي يتطلبها متخيل سردي.

هل استغرقت كتابة الرواية مدة طويلة، وأين كنت تقيم عند إكمالها؟

أنجزت ( بيتنا الكبير ) خلال سنتين، فترة كورونا كلها، ومع أنني لم أكن معتادة على نمط الحياة الاجتماعية الواسعة، ولم أكن زبونة اعتيادية على الكثير من المقاهي، فإن الإحساس بالإجبار على البقاء في البيت في ظل الرعب والتوقعات يفقد التوازن. لقد عززت الكتابة من هدوئي إلى حد ما، ولأنها عزلة أصلا أثناء ممارستها، فالعزلة المفروضة من الخارج لم تكن حساسيتي مفرطة تجاهها إلا في أشهرها الأخيرة، فقد قاومتها في البداية، وهكذا ظلت إيجابية في إقبالي على إتمام روايتي في نهاية 2021، بينما كانت هنالك تساؤلات على الجانب الآخر تحفر عميقا في مصيرنا الإنساني.

هل لديك طقوس للكتابة؟

في تلك البدايات المرتبكة عندما كنت أكتب ليلا، كانت هناك بعض الطقوس البسيطة، الحرص على المظهر والحاجة إلى الصمت، وتشغيل نمط من الموسيقى الهادئة في الخلفية من المجال حيث أجلس، العطر أيضا كان مهدئا من روع البدايات، لحظات التجلي التي كنت أبحث فيها عن نفسي.

بعد تراكم التجربة ومغادرة العمل، صرت أكتب في الصباح، وهي عادة لازمتني لحد الساعة، أشتغل بذهن صاف من الساعة الثامنة إلى حدود الواحدة بعد الزوال، وأكتب بحبر أسود على الورق بعض الأفكار التي تراودني فجأة أو بعض التعديلات. خارج سياقات الكتابة التي أزاولها على الكمبيوتر، هناك ورق كثير وأقلام بحبر أسود على يميني، ولازلت حريصة على الصمت والعطر والموسيقى، مع أن الإنصات إلى الداخل وإلى ضغط الأفكار أقوى، واستحضار التفاصيل في الأمكنة والأزمنة المنفلتة والأحوال المصاحبة لها، عادة ما تجرفني بعيدا، لكن هذه الطقوس التي تبدو عادية تقريبا، ملزمة للراحة بالنسبة لي، وتكون صحبة طيبة في الإطلالة على عوالمي.

ما هو مشروعك الأدبي بعد هذه الرواية؟

أشتغل منذ سنة تقريبا على رواية جديدة، صيغة لضرورة إيجاد لغة مخفية للمساواة، العنوان المؤقت للعمل "نساء الظل والهجير"، وقد يستمر كما هو عليه ولا يظل مؤقتا.