حوار مع ريم الكمالي المرشحة في القائمة القصيرة
20/05/2022
أين كنت وقت إعلان القائمة القصيرة وماذا كان رد فعلك؟
كنت أجلس في مكتبتي، فجأة هلّت المكالمات تُبارك لي، وأغلبهن قارئات من نوادي القراءة المختلفة في الدولة، وبالطبع فرحت لهذا التقدير من هذه الجائزة الرائعة.
في "يوميّات روز"، تكتب روزة عن الكتابة وتحقيق الذات من خلالها، وتقول "والحقيقة أنني أكتبني من خلال الآخرين" (ص. 200). هل لديك تعليق؟
في هذه الفقرة تواجه روزة نفسها ككاتبة، مثل بقية الكُتّاب، وإن كانت كاتبة غير معروفة وتتخلص بحزن من دفاترها المكتوبة. تواجه نفسها وتتساءل: هل أكتب نفسي من خلال الشخصيات التي أخلقها؟ أم من خلال شخصيات الآخرين حولي؟ أم أنني أكتب صمتي المهمل؟ أم أكتشف من خلال الكتابة ذاتي...؟
"أكتب ولن أرمي بشيء فنحن فوق إرث حي ما زال ينتظر لنسمعه" (ص. 183). هل هذا الإرث لا يزال حيًا؟
نعم الثقافة الأصيلة يكتبها أهلها لا الغرباء، والرواية من خلال روزة تحاول طرح أسئلتها وفلسفتها تجاه هذا الأمر. لماذا لم يكتب الملاح والقبطان والتاجر والشاعر في القرنين الأخيرين كتباً. كان عصراً شفهياً بامتياز.
قصص دبي الستينيات وما قبلها، دونتها من ألسنة كبار العمر، وبعض القصص من أبي قبل أن يفقد ذاكرته، وأيضاً من بعض الباحثين والمدونين عن تلك الفترة، وبعض المبتعثات إلى الجامعات العربية في تلك الحقبة، وقرأت بعض الكتب من الأرشيف الوطني، وجلست مع علي الفردان المختص بعلم اللؤلؤ، والأركيولوجي د. محمد الهاشمي، والكثير. لكنني في النهاية أستخدم أثناء الكتابة خيالي وأسلوبي الخاص بلغة السرد المقنع، وتقديم ما قرأت وما دونت وما سمعت بشكل فني سردي، وليس شرطاً أن أكتب كما ذكروا بالحرف، فالرواية لها خطها الفني وفكرتها الأصيلة يجب أن أشحنها بفلسفتي ورؤيتي.
حدثينا عن ولعك بالتاريخ وذاكرة الأماكن.
أما ولعي بالتاريخ فكان بسبب أبي الذي كان يلقنني منذ طفولتي تاريخ عائلتي ودور أجدادي المعلمين في تبديد الجهل، وشجعني أن أقرأ كتب التاريخ والتراث في مكتبته، ومع المزيد من القراءة المتنوعة أخذت مكتبتي الخاصة تكبر، بالموسوعات التاريخية وكتب فلسفية وأدبية ودواوين، ومجلدات أغلبها مصادر تاريخية، وكتب من التراث العربي لقديم، وخرائط ومخطوطات وقواميس اللغات الشرقية القديمة...
في ستينيات القرن الماضي كانت حقبة مختلطة، ونوعية، بين القومية العربية والهتاف لها، وبين بالتمسك بالتقاليد والعادات، وبين الاستعمار الإنجليزي ومصالح بعض العرب معهم، وبين قوة إسلامية بدأت تنمو بشكل سياسي. كل هذا الصراع في تلك الفترة كانت في أوجها، واليوم أتساءل أي فكر وأي توجه لهؤلاء بقي أكثر. بالطبع تقدمت اللغة الإنجليزية، وخفتت القومية العربية، والتقاليد بعضها راسخة، وبعضها تبخرت، والاستهلاك متقدم، مع انتهاء الحرفة.
كل هذا في شخصيات عائلة روزة. في دفاترها، ورسائلها، في إبرة زوجة عمها، في تجارة عمها، في عادات جدتها، في مفاهيم محبوبها....
ذكرت أن أسماء الكتّاب الذكور محفورة في الصخور، أمّا الكاتبات فلا. هل تغيّر الوضع منذ زمن روزة؟
شجرة العائلة نادراً ما يُكتب فيها أسماء النساء، لكن مؤخراً بدأ البعض يدون أسماء الجدات. البعض وليس الكل.
هل للكتابة الكلمة الأخيرة في الرواية، وهل النهاية متفائلة؟
النهاية انتصار لروزة وللمرأة وللكاتبة، جعلتُ الرواية حُلماً لإنقاذها، هذه الفتاة المفعمة بالنشاط والحيوية والمبدعة في اللغة والخيال، جعلتها تسافر إلى بعثتها، لذا قالت روزة بوعي في آخر فقرة بالرواية: إن عُدتُّ إلى الحلم سوف أكتب بشجاعة، ولن أتخلص مما كتبت.