حوار مع محسن الوكيلي المرشح في القائمة الطويلة

14/03/2022

متى بدأت كتابة رواية "أسير البرتغاليين" ومن أين جاءك الإلهام لها؟

بدأت كتابة رواية " أسير البرتغاليين " منتصف شهر يناير من سنة 2020، بالمناسبة، شهر يناير / كانون الثاني كان أبدا بالنسبة لي زمن انطلاق المشاريع الأدبية الجديدة. كانت السطور الأولى في مستهل سنة عشرين وألفين لكن فكرة الرواية راودتني منذ أكثر من سنة عن تاريخ الشروع في الكتابة. ظلت الفكرة تختمر، بينما كنت بصدد كتابة رواية أخرى. استمرت تلح إلى أن انفجرت سيلا دافقا من الكلمات مشكلة عالمها الخاص.

"من أين جاءني الإلهام؟" نعم، كما تقع الأشياء الكبيرة في حياتنا مصادفة جاءت فكرة رواية "أسير البرتغاليين" صدفة.

زرت مدينة الصويرة المغربية التي كانت أحد حصون البرتغاليين المنيعة على الساحل الأطلسي قبل قرون بعيدة، أعجبت بأسوارها التي لا تزال تحفظ شموخ البرتغاليين لما كانوا سادة العالم، وفي إحدى ساحاتها البديعة، المطلة على البحر، وقفت أتابع حكاء يعزف على الناي. كان عازفا بارعا، إلى جانبه يجلس قرده النحيل. رأيت، في صورة البدوي الماضي حاضرا أمامي. غادرت المدينة بعد أيام، لكن وجه الحكاء لم يغادرني. طاردني إلى أن صار، بسحر الحروف، إلى بطل رواية دخلت غمار المنافسة على الجائزة العالمية للرواية العربية.

هل استغرقت كتابة الرواية مدّة طويلة؟ وأين كنت تقيم عند إكمالها؟

استغرقت كتابة الرواية ما يقرب العام، كان العمل خلالها يوميا ومكثفا. ما فارقتني الشخصيات أبدا، ظلت في تجاذبها وتنافرها ترافقني ساعة بساعة، كثيرا ما كانت توقظني من نومي لأكتب. كانت شغوفة بالحياة كما هو شغفي بالكتابة.

في الفصول الأخيرة كنت في مدينة أغادير، على طرف المحيط الأطلسي، في رقعة أرض كانت ذات زمن قلعة أخرى من قلاع البرتغاليين. "سانتاكروز" التي تنهض بين مياه البحر وجبال الأطلس كانت مكاني المفضل للكتابة، من نوافذ بيوتها كانت صوفي، عشيقة بيدرو السجان، تطل على سفن البرتغاليين. وفيها اختتمت رواية أسير بالبرتغاليين بعودة الناجي إلى حضن حبيبته غيتة.

كيف استقبلها القراء والنقّاد؟

أثارت رواية "أسير البرتغاليين'، منذ صدورها انتباه العديد من النقاد في مختلف الدول العربية وكُتبَ عنها في منابر مرموقة من قبيل جريدة الأخبار اللبنانية. كنت راضيا على اهتمام النقاد. دخولها اليوم إلى غمار المنافسة على جائزة رفيعة، بمكانة الجائزة العالمية للرواية العربية، بما لها من أهمية وإشعاع عالمي ستجلب لها اهتماما يوفيها حقها. 

 

ما هو مشروعك الأدبي بعد هذه الرواية؟

سؤال جميل.

انتهيت قبل حوالي الشهر من رواية جديدة جاءت بعنوان "حي العازبات". نعم، أكتب بنهم وشغف. الكتابة هوائي الذي أتنفسه. حي العازبات عالم مختلف، صنعته بهدوء، وعلى مهل، بنيته كوخا كوخا ودربا دربا.. في الدروب كانت حياة أخرى لنساء تواطأ الجميع ليمتهن كرامتهن وأولاد  وصفوا بأبناء الشياطين لأنهم أولاد بلا آباء. تتشكل الحياة على أطراف كازا، المدينة الغول، إلى جانب مكب النفايات الذي يعيل الأمهات العازبات ويؤمن العيش لأولادهن.

مشروعي المقبل، الذي انطلق شهر يناير / كانون الثاني المنصرم، كما هو موعد البدايات في المشاريع الجديدة بالنسبة لي، مغامرة سردية حرة في رمال متحركة تحفل بحكايات نسيها العالم عن مدن ما عاد التاريخ يذكرها، وشخصيات تنبعث من رحم النسيان لتطل علينا بهواجسها وأحلامها المقموعة وأصواتها المبحوحة. إنها حكاية عيشة التي ركبت جوادها وتبعت القافلة التي جاءت من تومبوكتو وقد أقسمت لزوجها ألا تعود إلا وابنها المختطف معها. من تومبوكتو إلى فاس تدور الأحداث، من رمال الصحراء إلى جبال الأطلس، نقتفي سيرة امرأة متمردة رفعت التحدي لتقهر جلاديها.