حوار مع دنيا ميخائيل المرشحة في القائمة القصيرة

07/05/2021

أين كنتِ وقت الإعلان عن القائمة القصيرة للجائزة؟ وماذا كان رد فعلك؟

 

كان الوقت فجراً هنا في أمريكا وأنا عادة أصحو متأخرة لأني أنام متأخرة ولكن في ذلك الصباح استيقظتُ في الوقت المطلوب على رنة هاتفية من ناشري دار الرافدين. كان صوتهُ مبتهجاً منتشياً حين أبلغني بالخبر السعيد. توالت بعد ذلك رسائلُ الأصدقاء التي أضاءت هاتفي بكلمات التهاني، وكل ذلك أضاء قلبي بالفرح والامتنان وطردَ النعاسَ عن عيوني.

  

سبق كتابة رواية "وشم الطائر" كتابات سردية وتوثيقية أخرى عن آلام الإيزيديات، ولكن كما ذكرتِ في حوار سابق أن ظل هاجس إبداعي يلح عليكِ لكتابة هذه الرواية. هل نجحت الرواية في الاستجابة لهذا الهاجس أم نتوقع المزيد من الأعمال عن الأقلية الإيزيدية؟

 

كان لابد لي من ابتكار قدر هائل من الجمال من أجل خلق توازن مع العالم الكابوسي القاتم الذي يتحكم بأحداث الرواية والتي هي أيضاً وقائع التاريخ المعاصر. في خضم الأسئلة المُحيّرة التي استبدت بي أمام كارثة إنسانية كهذه، لم أملك أجوبة قاطعة وإنما استجابات. رواية ”وشم الطائر“ استجابة استحقت مني الدخول في شرنقة والخروج منها بفراشة. الفن فراشة لها أثرها الهائل على العالم بالرغم من رقتها. ليس سوى الفن الخالص ما يمكّننا من تحويل الواقعة المأساوية إلى واقعة جمالية. حين ننجح في ذلك، تنجح شخصياتنا أيضاً في استقطاب اهتمام العالم. وحين تكون تلك الشخصيات مهمَّشة، تتضاعف أهمية العمل الفني في إعلاء صوتها. ومثلما يقول قسطنطين فيرجيل جيورجيو "أولئك الذين يعيشون على الهوامش، هوامش العالم، هوامش الحضارة، هوامش المجتمع، هم المخوّلون لرؤية الحقائق المُرّة للعالم.“

 

العلاقة بين هيلين وإلياس تشي بالرومانسية، خاصة عندما يستبدلان خاتم الزواج بوشم الطائر كي لا يفترقا. لكنهما يفترقان. هل تحكم الرواية على مثل هذه العلاقة العابرة للهوية بالرومانسية كي تنفيها نفياً دائماً؟

 

ليس نفياً للرومانسية وإنما تأسيساً لمفارقة. هناك مفارقات ومجازات في هذه الرواية. ديمومة الوشم وفراق الحبيبين إحداها. طقوس الاحتفال بحرية الطائر وحرق الأقفاص تشكل أيضاً مفارقة حينما يقع المحتفلون بالحرية أنفسهم أسرى في أقفاص بشرية. الشروخ على أواني السيراميك مجاز آخر بأنّ الجمال الكامل زيف وأنّ الألم علامة فارقة في روح الإنسان. 

 

كيف ترين دور الأسطورة في رواية تصف مآساة مغرقة فى الواقعية مثل مآساة الإيزيديين؟

 

استخدمتُ الأسطورة كجزء حيوي من الحبكة لإضافة طبقة أخرى إلى الأحداث فتزيدها عمقاً ومتعة فيما تمثله الأسطورة من أبعاد رمزية وفلكلورية وتاريخية في وجدان الناس. مثلاً الحوت الذي يبتلع القمر له دلالته السيميائية المهمة في الرواية على مستويين أو ثلاثة على الأقل: كشف سياقاتٍ تعبيرية تمهد لما سيحدث مما يثير القاريء بأن يستدل على تأويلات للواقعة، خلق تقابلات بين الواقع والخيال، إضافة إلى تكوين منظورات عن المفاهيم الثقافية والشعبية في المنطقة.

 

هل فاجأتك أيّ من القراءات النقدية لرواية "وشم الطائر"؟ كيف تحبين لروايتك أن تُقرأ؟

 

القراءة النقدية الجيدة هي التي تجيب عن سؤال ”لماذا“ أحبّت الرواية وليس تلك التي تشرح لك القصة وكأنها تريد أن تختصر الطريق على القاريء. فرحتُ بالقراءات التي انتبهتْ إلى طريقة اشتغالي على الرواية كنص فني، كيف أني مثلاً طرحتُ المَشاهد أمام القارئ دونما انفعال بقدر المستطاع وذلك لغرض ترك مساحة كافية ليختبر القارئُ مشاعرَه وانفعالاتِه وتفاعلَه مع الأحداث بشكل عفوي وحقيقي.

 

من هم الكُتاب الذين أثروا فيك كروائية؟

 

لا أعرف بالضبط. أنا أقرأ الشِعر والفلسفة وأحياناً النظريات العلمية وليس فقط الروايات. أعتقد أن تجربتي في الشغل الصحفي أثّرت في كتابتي إلى حد ما. عملتُ في جريدة بغداد أوبزرفر قبل أن أغادر العراق وتلك التجربة كانت مهمّة بالنسبة لي ككاتبة. كنا نقرأ مواضيع وكالة رويترز ونتعلم منها تقنيات صياغة التقارير. من الأمور التي تعلّمتها مثلاً جذب انتباه القارئ منذ الأسطر الأولى والابتعاد إلى حد ما عن الذاتية عند طرح القصة أو الخبر. الصحفي يقف خلف مادته وليس أمامها، وهكذا ينبغي للأديب أن يفعل أيضاً.

 

ما هى الكتب التي تقرأينها الآن؟ وهل تأثرت قراءتك بطول البقاء في المنزل المصاحب لأزمة الكورونا؟

 

عدتُ إلى بعض الكتب في مكتبتي المنزلية وأعدتُ قراءتها مثل رواية ”الطاعون“ لألبير كامو، وقصائد الشاعر الأمريكي دبليو إس مروين، وكتاب ”عن التصوير“ يحتوي على مقالات مدهشة لسوزان سونتاغ التي أحب طريقتها في فلسفة الأشياء. أقرأ غالباً باللغة الانكليزية لأن الكتب بالانكليزية متوفرة هنا أكثر من العربية، وأيضاً من أجل تطوير لغتي الثانية.