حوار مع بشير مفتي المرشح في القائمة الطويلة
24/01/2020
متى بدأت كتابة رواية "اختلاط المواسم" ومن أين جاءك الإلهام لها؟
بعد سنة من صدور روايتي " لعبة السعادة" جاءتني فكرة جديدة لرواية مختلفة على الأقل من ناحية المضمون أو القصة.
لقد كانت فكرة مجنونة ووجدت نفسي عندما انخرطت في كتابتها مستغرقا فيها كليّاً، كأني أدخل في عالم جديد عليّ، عالم شخصية قاتل مع أني كتبت روايات كثيرة عن الحرب الأهلية في الجزائر فترة التسعينيات حيث كان القتل حاضرا بقسوة وكثافة، وحيث عشنا في الجزائر مرحلة عنيفة للغاية، ولكن في "اختلاط المواسم" كان الأمر مختلفا بعض الشيء، إن القتل ليس لأسباب إيديولوجية سياسية، أو دينية، إنه قتل للقتل، تحقيق رغبة داخلية تنكشف للشخصية المحورية التي لم أضع لها اسماً محدداً منذ الطفولة وتتطور تلك الرغبة شيئا فشيئاً مع مرور الزمن، حيث يجد البطل في مرحلة التسعينيات طريقة قانونية لتصريف هذه الرغبة بانخراطه في أسلاك الأمن، ثم مع توقف الحرب يحال على التقاعد، ليصبح قاتلا مأجوراً، حتى يتعرف على امرأة يتقرب منها ويتعلق بها، ولأول مرة سيمارس القتل في سبيل هذه المرأة، والرواية تروى على لسان عدة شخصيات أساسية، وإن كان صوت القاتل هو الأكثر حضوراً، وعبره تنكشف لنا الجزائر في العقود الأخيرة. بعد الحرب تأتي مرحلة العنف الرمزي على الشرفاء، من خلال التحديد أم التهميش، وسيادة منطق القوة على العقل، والاستبداد على الحرية، والثمن الذي يُدفع في سبيل أحلام كبيرة تجهض كل مرة.
هل استغرقت كتابة الرواية مدّة طويلة؟ وأين كنت تقيم عند إكمالها؟
استغرق التفكير في الرواية مدة أطول من فترة الكتابة التي لم تستغرق وقتا أطول، كما أن الأمر لم يستقر على هذه الصورة الأخيرة للرواية إلا بعد كر وفر، وكنت كل مرة أكتب فصولا ثم أصرف نظري عنها، وأعود من جديد إلى البداية حتى شعرت أني وقعت على ما أريده، أما بالنسبة لمكان الكتابة فأنا أكتب بالبيت، في خلوة تامة، أعيش الرواية من الداخل، وتصاحبني في يومياتي حتى عندما أتركها، وأخرج إلى العمل أو قضاء بعض الحاجات الضرورية، مع الوقت أصبحت أشعر أن الكتابة تحتاج حقا إلى استغراق كلي، وتنظيم محكم ، فهي ليست مجرد تفريغ هواجس مبعثرة على الورق.
كيف استقبلها القراء والنقاد؟
لاقت الرواية ترحيبا معتبرا من طرف القراء والنقاد على السواء وكتب عنها الكثير من المقالات النقدية العميقة، وأعجبني التركيز على البعد الفلسفي في الرواية، ومناقشة موضوع الشر كمسألة أدبية وفلسفية من خلال نص روائي، كما تحدثوا عن بعض الجوانب السيكولوجية والرمزية، إلى جانب الحديث عن انتماء هذه الرواية إلى عدة أنواع أدبية كالنوع الروائي البوليسي الفلسفي وحتى السياسي، وجوانب تقنية مثل البوليفونية وتعدد الأصوات ..الخ
ما هو مشروعك الأدبي بعد هذه الرواية؟
كتبت رواية جديدة بعنوان "وحيداً في الليل" وهي تدور حول ثلاث شخصيات رئيسية ناشر يرغب في نشر الأعمال الأدبية الجيدة بعد تقاعده، كاتب متشائم يكتب دون أمل أن يصل إلى تحقيق الاعتراف بما يكتبه، ومواطن هاجر الجزائر وغير اسمه وعاش في استراليا فترة طويلة من الزمن حتى وجد نفسه وجها لوجه مع ماضيه الجزائري في صورة شخص جعله يعيد الصلة من جديد بتلك الفترة المؤلمة من حياته ويكتب رسالة طويلة يشرح فيها قصته تلك.