حوار مع محمد المعزوز المرشح في القائمة القصيرة
25/02/2019
أين كنت وقت الإعلان عن القائمة القصيرة للجائزة؟ وماذا كان ردّ فعلك؟
كنت في الطريق مابين الرباط والدار البيضاء لما تلقيت خبر عبور روايتي إلى القائمة القصيرة. شعرت وقتئذ بحافز مضاعف في الاستمرار الجدي في الكتابة الروائية.
لقد وضعتني القائمة القصيرة للجائزة أمام مسؤولية الاختيار الإجباري النوعي والمتجدد في الممارسة الإبداعية، التي تجعل من الكتابة الروائية انخراطا واعيا في إعادة تشكيل الرؤية إلى العالم بما يخدم الإنسان المعاصر ويروح عنه جماليا.
متى بدأت كتابة رواية " بأي ذنب رحلت؟" ومن أين جاءك الإلهام لها؟
بدأت كتابة رواية "بأي ذنب رحلت؟" مباشرة بعد اختتام أشغال المؤتمر السادس عشر لمؤسسة الفكر العربي بدبي في يناير 2017، وكنت من بين المدعوين المتحدثين. خلال المناقشات الرسمية والهامشية، مابين مختلف الفعاليات الفكرية والأدبية والإعلامية، استنتجت أن هناك ألما وجدانيا عميقا لدى المشاركين يلخص الألم الكبير والجرح الغائر والنازف الذي يسكن الإنسان العربي في وطن كاد أن يفقد سحناته وماهيته. وطن تعمره احترابات داخلية فضيعة، وتمزقات تنذر بالجحيم الذي قد يأتي .... وقد لا يبقي ولا يذر. أحسست أن التحاور مع هذا الألم والجلوس على عتبات هذا الجرح لا يتم إلا بالقراءة العاشقة والحميمة عبر الفلسفة والوجدان.
خلال هذا المؤتمر، سألتني مشاركة متعددة اللغات عن إمكان تحقق المعنى المختلف لكينونة حرة ووجود عاقل لجيل جديد من العرب لا يشبه الجيل المعطوب الذي سبقه. رمقت ، لما كانت تتكلم وهي تحرك يديها، سبابتيها (index Finger) وهما موشوم عليهما "عشق، شغف". سألتها عن سبب وشمها، فأجابت أن السبب قد يكون فلسفيا ووجدانيا. تساءلت، تلقائيا، أليس بسبب أننا أهملنا الفلسفة والموسيقى والوجدان، تعطلت مراكبنا وسقطنا هذا السقوط المدوي؟
هكذا تساءلت وانصرفت، وهكذا انقدحت لحظة الإلهام لأكتب رواية "بأي ذنب رحلت؟"
هل استغرقت كتابة الرواية مدّة طويلة؟ وأين كنت تقيم عند إكمالها؟
استغرقت كتابة الرواية سنة واحدة، متنقلا مابين باريس ونيويورك والرباط وبلدتي وجدة التي توجد شرق المغرب متاخمة للحدود الجزائرية.
حدثنا قليلا عن الدلالات الرمزية لشحصيات الرواية الرئيسية (راحيل، زوجها خالد ووالداها عبدالله وراشيل).
راحيل شخصية ترمز إلى استمرار مقاومة القبح والظلام عبر الجمال باعتبار الشعر والموسيقى فضاءين رحبين لمصالحة الإنسان مع الإنسان ووتوثيق رابطة الآدمية عبر الوجدان مصدر المحبة والخير.
عبد الله والد راحيل يرمز إلى حاجتنا إلى النظر الفلسفي والحكمة للعودة إلى العقل والحوار والتمسك بالعدل والحق والاعتدال .
راشيل زوجة عبد الله وأم رحيل، تمثل انهيار العقل العربي ووجدانه، في نصف الطريق، لما انهارت وقررت الانسحاب من عالم اعتبرته موبوءا بالمطلق. وهذا ما رمزت إليه عملية انتحارها والتخلي عن زوجها وطفلتها.
خالد طليق راحيل، يمثل استقالة النخب العربية المتنورة من ساحة المعارك من أجل الحرية والعدالة والحداثة والديمقراطية. تلك النخب التي انزوت في أنانيتها باحثة عن تبريرات غير مقنعة لتسويغ سعيها إلى جني المنافع من السلطة.
هل تصف "بأي ذنب رحلَت؟" بأنها رواية متفائلة؟
وفي ذلك كله فرواية "بأي ذنب رحلت؟" رواية متفائلة، لأنها ترسم عالما ممكنا للمحبة والتعايش والإيخاء، عالما يتسع لكل بني الإنسان، بدون حروب وبشاعات، كلما شاعت الفلسفة والحق والجمال والخير.
كيف استقبلها القراء والنقاد؟
لقد استحسنها النقاد كثيرا، إذ حظيت بحفل توقيع في المعرض الدولي للكتاب بالدار البيضاء مباشرة بعد صدورها 2018، وكتبت عنها الصحافة المغربية ،كما تم استضافتها في القناة التلفزية المغربية في البرنامج الثقافي مشارف، و أخبار الأدب المصرية، وجريدة الإتحاد الإماراتية، والجريدة الإلكترونية الأردنية حفريات.
ما هو مشروعك الأدبي بعد هذه الرواية؟
بعد رواية "بأي ذنب رحلت؟" أنا الآن بصدد التخطيط لكتابة رواية فلسفية، استعارية، تسائل أسقام العالم والإنسان ... تسائل المصائر المرعبة لعالم متحول على نحو مريع، أصبح فيه الإنسان يفقد فيه آدميته بالتدريج لصالح الآلة.