حوار مع إبراهيم نصرالله المرشح في القائمة القصيرة
12/04/2018
أين كنت وقت الإعلان عن القائمة القصيرة للجائزة؟ وماذا كان ردّ فعلك؟
كنت في عمّان، وسعدت بوصول الرواية إلى القائمة القصيرة بالتأكيد.
وصلت للقائمة القصيرة في عام 2009 عن رواية "زمن الخيول البيضاء". هل شعورك اليوم بالترشح في القائمة القصيرة مختلف عن وقتها؟
كانت الجائزة جديدة أيامها لكنها أحدثت هزة كبيرة في واقعنا الثقافي العربي، فكان وصول زمن الخيول البيضاء إلى قائمتها القصيرة أمرا جميلا، فعدد الروايات المتنافسة في تلك الدورة كان كبيرا، ووصولها أعطى الرواية دفعة إلى الأمام، عبر ترجمتها إلى الإنجليزية – رغم حجمها الكبير- ومن الجميل أن طباعتها متواصلة، ولم تزل من الروايات الأكثر مبيعًا بعد مرور أكثر من عشر سنوات على صدورها. أما عن شعوري بوصول رواية (حرب الكلب الثانية) للائحة القصيرة مرة أخرى فهو الشعور نفسه، لكن اختلاف هذه الرواية عن بقية رواياتي، لأنها تتناول المستقبل، يعطيني الأمل في أن على الكاتب ألا يتوقف عن التجريب والتجدّد، فدائما هناك من يُقدّر هذا، من القراء والنقاد ولجان التحكيم إذا صدف وأن رشحت لجائزة أدبية، كما حدث.
ما هي الكتب التي تقرأها الآن؟ ومن هم الكتاب الذين أثروا فيك كروائي؟
أقرأ في الفترة الأخيرة مخطوطات روائية لعدد من أصدقائي الكتاب. أما عن الكتاب الذين أثروا في، فإنني أظن أن كل كاتب كتب عملا جيدا قد أثر في، سواء كان الكتاب أدبيا أو فكريا، أو فنيا، وسواء كان الكاتب عربيا أو أجنبيا.
هذه أول رواية لك يمكن تصنيفها كرواية خيال علمي. كيف كانت تجربة كتابة هذا النوع من الأدب؟
أجمل ما في التجربة أنها أيقظت مناطق جديدة في عقلي وخيالي، وطرحت عليّ أسئلة لم أطرحها على نفسي من قبل، فكان علي أن أؤثث المستقبل باختراعات جديدة غير موجودة اليوم، في مجالات السينما، التعليم، القمع، المواصلات، وحتى التجميل! حتى يتسنى لي الدخول إلى الجوهر الإنساني في علاقته بالمستقبل، ومحاولة الإجابة على بعض الأسئلة الكبيرة التي شغلت البشر، مثل سؤال الحرب، الحب، التملك، الجشع، الأنا والآخر، الماضي الإنساني والمستقبل.
Khéridine Mabrouk / IPAF ©
راشد يبدأ في صف المعارضة ثم بعد الاعتقال والتعذيب يتلوّن ويقرر أن يعمل مع النظام ويستفيد منه. هل هو مبني على شخصية حقيقية؟
لا أستطيع القول إن هذه الشخصية مبنية على شخصية حقيقية محددة، لكنها نموذج مكثف في بعده الأقصى لما يمكن أن يصل إليه الإنسان في كل مكان، وأقول كل مكان، لأنني أعتقد أن هذه الرواية ليست عن إنسان عربي بل عن الإنسان في كل مكان؛ الإنسان الذي يرهن كل مواهبه وطاقاته لتدمير الآخرين وامتلاك أرواحهم وأجسادهم والتحكم في مصائرهم. وقد كنت دائما معنيا بعلاقة الإنسان بالسلطة، بمختلف وجوهها، سواء كانت سلطة عسكرية أو أمنيّة أو دينية أو اجتماعية، ومشروعي الروائي (الشرفات) معنيّ بصورة كبيرة بهذا الجانب.
الشخصيات النسائية في الرواية دورها سلبي إلى حد كبير، خاصة سكرتيرة راشد التي تقبل أن تتحول لتشبه زوجته دون أن تسأل ماذا يحدث لها وكذلك زوجة السائق التي تبدو في الأول ذكية لكنها لا تتمكن من التعرف على زوجها من شبيهه. لما كل الشخصيات النسائية في الرواية سلبية هكذا؟
المسألة متعلقة بعدم اكتفاء البشر بذواتهم، بتفرّدهم، باختلافهم. ليست المرأة هي المقصودة بهذه السلبية، بل كل شخصيات الرواية، فقد كانت الشخصيات النسائية في رواياتي دائما رائعة إلى حد كبير. في هذه الرواية كل الشخصيات سلبية، وهي المرة الأولى التي يحدث فيها أن أكتب بهذه الرؤية، كل شيء قاتم في ذلك المستقبل داخل الرواية، الرجال والنساء، وحتى المخلوقات والطبيعة، وأظن أن قتامة الطبيعة جزء أساس، وصورة لقتامة الروح البشرية في تلك الحقبة الزمنية التي تدور فيها الأحداث. الرواية كُتِبَت لتكون صادمةً لكل من يقرأها، ومن اللافت أن كل تلك التجارب الصعبة التي عشتها أثناء كتابتها، وهي صعبة للغاية، قد أحس بها القراء وعانوا منها مثلي. حين يتعلق الأمر بمصير هذه الكوكب الصغير الجميل، ومصير الإنسان، لا تستطيع أن تكون أقل من صادم لقرائك، ولذا كانت الرواية على هذه الدرجة العالية من الجرأة التي قد تفاجئ بعض القراء المتطلعين لروايات سهلة أو مريحة للأعصاب!
مقطع من رواية "حرب الكلب الثانية"
- ما يخيفني فعلا، قال الدكتور خليل، هو أن تتجاوز المسألة أفرادًا بعينهم، أي أن لا يكون لكل إنسان عدة أشباه، عشرة، أو مائة فقط، ما يخيفني فعلاً، أن تكون هذا الظاهرة هي البداية على طريق أن نغدو فى النهاية على صورة شخص واحد، نضحك ونبكي ونغضب ونمشي تماماً مثله، وربما يكون هذا الشخص واحداً من المشاهير الذين نشاهدهم كثيراً، ربما يكون مغنياً، أو نجماً تلفزيونياً، أو لاعب كرة قدم شهيراً أو نجماً سينمائياً..! ربما يكون طاغية على قيد الحياة أو مُصْلحا؛ تخيلوا أن نكون كلنا طغاة، أعني كلنا، أو كلنا مُصْلحين، أعني كلنا! يا للهول! قال ذلك وهو ينظر صوب مقدم البرنامج دون أن يضحك.
قاطعه المذيع دون أن يبتسم وقال: وربما يكون رئيسًا، أو ملكًا، أو أميرًا، أو إمبراطورًا، أو سمّه ما شئت..! أم أنك تستبعد هذا؟
ارتبك الضيف، فحول مقدم البرنامج سؤاله إلى ضيفه الثاني، أستاذ الأحياء التطوري:
- هل يمكن أن تتطور المسألة، دكتور خالد، لما هو أبعد من هذا بعد أن سمعنا أن هناك، وأحب أن أدعوها (إشاعات)، لأنني لا أستطيع أن أتخيل حجم الكارثة لو أن ذلك قد حصل، وهذه الإشاعات تقول إن هناك حالات تشابه بدأت تظهر بين الناس وحيواناتهم الأليفة.